الرافعة المالية بين الحلال والحرام. ربما رأيت هذا العنوان كثيرًا ولكن لم تجد الإجابة الكافية المقنعة. في هذا المقال سوف نتعرف على إجابة وافية حول حكم الرافعة المالية من قبل علماء الدين المتخصصين في هذا الأمر. كذلك سنناقش أبرز ما يتعلق بالرافعة المالية بشكل مفصل، مع توضيح كيفية عملها، ومزاياها، ومخاطرها، وما يتعلق بها من أحكام شرعية. كما سنتطرق إلى كيفية التعامل مع الهامش في التداول. هذا المقال موجه لكل متداول مسلم يريد أن يضمن أن مكاسبه حلالًا وخالية من الشبهات.
الرافعة المالية هي أداة مالية تتيح للمستثمرين والمتداولين زيادة القوة الشرائية لرأس مالهم من خلال اقتراض أموال من الوسيط. بفضل هذه الأداة، يمكنك التداول بمبالغ أكبر من رأس مالك الفعلي، مما يعزز فرص تحقيق أرباح أكبر، ولكنه يرفع أيضًا من احتمالية الخسائر.تعمل الرافعة المالية مثل الرافعة المادية؛ تمكنك من رفع أحمال (صفقات) أكبر مما تستطيع تحمله برأس مالك الأصلي، فمثلًا إذا كان لديك 1000 دولار وتستخدم رافعة 1:10 يصبح بإمكانك التداول بقيمة 10,000 دولار دون زيادة في الإيداع. واليكم المزيد من التفاصيل التي تهم كل من يرغب الدخول إلى عالم التداول عن الرافعة المالية:
تأثيرالرافعة المالية على الربح والخسارة: الأرباح والخسائر تُحسب اعتمادًا على حجم الصفقة النهائي الناتج عن الرافعة وليس على رأس المال الأصلي فقط، مما يعني أنه إذا تحرك السوق في صالحك تتضاعف مكاسبك، أما إذا تحرك ضدك فقد تتضاعف خسائرك بنفس الدرجة.
نسب استخدام الرافعة المالية: تختلف نسب الرافعة بين شركات الوساطة، فقد تكون 1:1 (بدون زيادة فعلية)، أو 1:100، أو 1:500، وقد تصل 1:1000 في بعض الشركات، مما يزيد القدرة على فتح صفقات كبيرة مقابل رأس مال صغير جدًا.
علاقة الرافعة بحجم المخاطرة: كلما ارتفعت نسبة الرافعة المالية ارتفع حجم اللوت الذي يمكن تداوله، وبالتالي يصبح تأثير أي حركة صغيرة في السعر على الحساب أكبر، ما قد يؤدي إما لمكاسب عالية أو لخسائر سريعة وقاسية.
وتحتّم علينا مسؤوليتنا في موقع ضمان أن نذكرك أن الرافعة المالية سيف ذو حدين؛ فهي تضاعف أرباحك المحتملة بنفس القدر الذي تضاعف به خسائرك.
ماذا يعني المتاجرة بالهامش؟
تقوم المتاجرة بالهامش Margin Tradingعلى استخدام الرافعة المالية لفتح صفقات تفوق رأس المال المتاح في حساب المتداول. تمنح الرافعة المالية القدرة على التحكم في مبالغ كبيرة، بينما يُستخدم الهامش كمبلغ يُحجز من رصيد المتداول ليعمل كضمان أثناء تنفيذ الصفقة. يمكن القول أن الرافعة المالية هي الأداة التي تمنح القوة، والهامش هو الثمن الذي يُدفع مقابل استخدام هذه القوة. فحين تمنحك الرافعة المالية بنسبة 1:100 إمكانية التداول بمبلغ يساوي مئة ضعف رأس مالك، فإن الهامش يصبح هو المبلغ الذي يلتزم حسابك بتوفيره لضمان هذه الصفقة.
على سبيل المثال، إذا بلغت قيمة الصفقة 100,000 دولار وكانت الرافعة المالية 1:100، فإن الهامش المطلوب لفتح الصفقة يساوي 1,000 دولار فقط. يُحجز هذا المبلغ من حسابك كضمان، بينما يمنحك الوسيط القدرة على تداول قيمة الصفقة كاملة. وكلما ارتفعت نسبة الرافعة المالية، انخفض مقدار الهامش المطلوب، لكن ارتفعت معه المخاطرة؛ إذ يؤدي أي تحرك بسيط في السوق إلى تأثير أكبر على رصيد الحساب، سواء بالربح أو بالخسارة.
هل يمكن التداول بدون رافعة مالية؟
نعم، يمكن التداول بدون استخدام الرافعة المالية، ويُعرف هذا الأسلوب بالتداول النقدي الكامل، حيث يعتمد المتداول على رأس ماله الفعلي دون الحاجة للاقتراض من الوسيط. في هذه الحالة يكون المتداول مطالبًا بتوفير القيمة الكاملة للصفقة، لأن التنفيذ يتم دون هامش. فعلى سبيل المثال، لفتح صفقة بحجم 1 لوت ستاندرد يجب امتلاك 100,000 وحدة من العملة الأساسية، وفي حال التداول بحجم 1 ميني لوت يلزم توفير 10,000 وحدة، أما 1 مايكرو لوت فيتطلب 1,000 وحدة فقط.
يُعد هذا النمط مناسبًا لمن يرغب في تقليل المخاطر والمحافظة على رأس المال، لأنه يحد من احتمالية الخسائر الكبيرة الناتجة عن تقلبات الرافعة المالية، ولكنه في المقابل يحتاج إلى رأس مال أكبر لتحقيق نفس حجم الصفقات المعتاد. هذا النمط من التداول هو الأكثر أمانًا من ناحية تجنب مخاطر الرافعة، ولكنه الأقل كفاءة من ناحية استخدام رأس المال.
ما هو حكم الرافعة المالية في الشريعة الإسلامية؟
تحدث الدكتور عبد الله رشدي، العالم الأزهري وإمام وخطيب بوزارة الأوقاف المصرية، عن حكم الرافعة المالية في الشريعة الإسلامية، نقلاً عن مجمع الفقه الإسلامي. أوضح أن هناك خلافًا فقهيًا بين العلماء حول حكم تداول الفوركس والعملات الرقمية والأسهم الرافعة المالية الى فريقين هما.
الفريق الأول: القائلون بتحريم الرافعة المالية
يرى أصحاب هذا الرأي أن الرافعة المالية تُعتبر قرضًا ربويًا فلا يجوز التداول بها. حيث إن شركات الوساطة تتقاضى رسومًا مادية مقابل استخدام الرافعة المالية، مثل عمولة التبييت، وهي رسوم تُفرض عند بقاء الصفقات مفتوحة لأكثر من يوم. يعتبر هذا الفريق أن هذه الرسوم تجعل القرض مرتبطًا بفائدة، ما يجعله من العقود المحرمة في الشريعة الإسلامية. بالإضافة إلى ذلك، تضاعف الرافعة المالية القوة الشرائية لرأس المال، مما يجعلها تقع تحت بند كل قرض جر نفعا فهو ربا وهو حرام باتفاق الفقهاء.
الفريق الثاني: القائلون بجواز الرافعة المالية
على الجانب الآخر، يرى الفريق الذي يُجيز استخدام الرافعة المالية أن هذا النوع من القروض يمكن أن يكون عقدا تمويليًا مشروعًا إذا توفرت شروط معينة. وأبرز هذه الشروط هو أن تكون الرافعة المالية خالية من أي رسوم أو فوائد إضافية، كما هو الحال في ما يُعرف بـ الحساب الإسلامي الذي تقدمه بعض شركات الوساطة. في هذه الحالة، لا تُفرض أي رسوم على القرض، وبالتالي لا يُعتبر ربويًا.
و خلاصة القول: يتراوح حكم الرافعة المالية بين الحُرمة والجواز بناءً على طبيعة القرض وشروطه:
حرام: إذا كانت الرافعة المالية تُعتبر قرضًا ربويًا بسبب فرض رسوم أو فوائد فلا يجوز التداول وتعتبر حرام.
حلال: إذا كانت خالية من أي رسوم أو فوائد إضافية، ويُعامل القرض على أنه عقد تمويلي فيجوز التداول بها.
فيما يلي جدول للتوضيح بشكل مبسط لمن هو على عجالة من أمره:
المعيار
الفريق المحرِّم للرافعة المالية
الفريق المُجيز للرافعة المالية
طبيعة القرض
قرض ربوي لأنه "قرض جرّ نفعًا"
يُعد عقدًا تمويليًا إذا خلا من الفوائد والشروط المحرمة
الرسوم (التبييت)
يُحرّمها لأنها تمثل فائدة يأخذها الوسيط
يُجيز إذا أُزيلت الرسوم (كما في الحساب الإسلامي)
الشرط الأساسي
---
أن تكون الرافعة خالية من أي فوائد أو عمولات ربوية تمامًا
الخلاف في مسألة الرافعة المالية خلاف حقيقي ومعتبر بين العلماء، وليس خلافًا سطحيًا.لذلك يجب على المتداول أن يتحرّى، ويسأل أهل العلم، ويتبع ما يطمئن إليه قلبه بعد دراسة الآراء والتأكد من خلو حسابه من أي شبهة ربا.
هل الرافعة المالية تعتبر قرض ام عقد تمويل؟
الرافعة المالية يمكن اعتبارها قرضًا أو عقد تمويل، وهذا يعتمد على طبيعة حساب التداول الذي يستخدمه المتداول وشروط العقد بينه وبين الوسيط المالي.
الرافعة المالية كقرض
إذا كان حساب التداول عاديًا، وهو غالبًا ما يفرض فيه الوسيط رسومًا على الصفقات المفتوحة لأكثر من يوم، تُعرف بـ رسوم التبييت.
بالإضافة إلى ذلك، قد يتم فرض رسوم أو عمولة على استخدام الرافعة المالية نفسها، كتعويض أو عمولة على القرض المقدم من الوسيط. وفي هذه الحالة، لا يجوز التعامل بالرافعة المالية و تُعتبر الرافعة المالية قرضًا ربويًا حرام، حيث يتم استيفاء رسوم إضافية ترتبط بالقرض، وهو ما يتعارض مع الضوابط الشرعية.
الرافعة المالية كعقد تمويل
إذا كان حساب التداول إسلامي، فلا يتم فرض أي رسوم على الصفقات المفتوحة أو على استخدام الرافعة المالية حيث يتم تصميم هذه الحسابات لتجنب أي عناصر ربوية، وبالتالي تُعامل الرافعة المالية كـعقد تمويل مشروع يجوز التعامل به وليس قرضًا ربويًا لا يجوز التعامل به و في هذا الإطار، تكون العلاقة بين المتداول والوسيط قائمة على التمويل المشروع دون أي فوائد إضافية.
و الخلاصة عزيزي القارئ أن الرافعة المالية يمكن أن تكون قرضًا أو عقد تمويل، حسب نوع الحساب وشروط الوسيط
قرض ربوي: إذا تم فرض رسوم تبييت أو عمولات على الرافعة المالية في الحساب العادي.
عقد تمويلي مشروع: إذا كان الحساب إسلاميًا وخاليًا تمامًا من أي رسوم أو فوائد إضافية.
عند استخدام الحساب الاسلامي هل تعتبر الرافعة المالية حلال؟
الرافعة المالية تعتبر حلال عند استخدام الحساب الإسلامي وهذا بناءً على ضوابط الفريق المجيز، فإن الرافعة المالية في الحساب الإسلامي تعتبر حلالاً،حيث ناقش مجمع الفقه الإسلامي في دورته الـ18 بجدة عام 2021، بان الرافعة المالية حلالًا إذا استوفت شروطًا محددة تجعلها عقد تمويل مشروع وهي أن تكون خالية من فوائد التبييت والحساب الإسلامي يكون خالي من فوائد التبييت.
وبهذه الكيفية في الحساب الإسلامي، تُعتبر الرافعة المالية عقد تمويل مشروع لأن الوسيط لا يتقاضى أي فوائد أو عمولات عليها مما يجعلها حلالا. وهذا يختلف عن الحسابات العادية، التي تفرض رسومًا على الصفقات المفتوحة لفترات طويلة أو عمولات على الرافعة المالية، مما يحولها إلى قرض ربوي غير جائز.
الأسئلة المتكررة حول ما هو حكم التداول بالرافعة المالية؟
الرافعة المالية قد تُعتبر قرضًا في حال فرض الوسيط رسومًا أو فوائد عليها، مثل رسوم التبييت أو العمولات، مما يجعلها قرضًا ربويًا ويُعتبر ذلك محرمًا في الشريعة الإسلامية. أما إذا كانت الرافعة خالية من الرسوم أو الفوائد، فهي تُعتبر عقد تمويليًا وهو ما يتحقق غالبا في الحسابات الإسلامية ، وبالتالي يمكن اعتبار استخدامها حلالًا، حيث لا يتم فرض نفع على القرض.
الرافعة المالية بدون فوائد لا تُعتبر حرامًا حيث لا يتم فرض رسومًا أو فوائد ربوية. و في هذه الحالة، تُعتبر عقد تمويليًا ولا يتم تقاضي أي عمولات وبالتالي يمكن اعتبار استخدامها حلالًا وفقًا للآراء الفقهية المعاصرة.